عندما نجلس حول نار مشتعلة في موقد أو في الطبيعة، نجد أنفسنا نحدّق فيها لساعات، دون ملل، وكأن النيران تتحدث إلينا بلغتها الخاصة. فما السر في هذا الانجذاب الغريب؟
أولًا، النار كانت عنصرًا أساسيًا في تطور الإنسان. منذ آلاف السنين، كانت مصدرًا للدفء، الحماية، والطهي، ومركزًا للتجمعات. لذلك، تطور لدينا ارتباط فطري بالنار، وارتبطت في أذهاننا بالشعور بالأمان والانتماء.
ثانيًا، حركة اللهب عشوائية ومنتظمة في آنٍ واحد. هذه الحركة تُحفّز الدماغ بطريقة تُشبه التأمل، وتُساعد على تهدئة الأفكار، مثلما تفعل الأمواج أو المطر. لذلك يُعتبر التحديق في النار وسيلة طبيعية لخفض التوتر.
كما أن الضوء الدافئ والبرتقالي المنبعث من النار يبعث على الراحة، خصوصًا في المساء. فهو يُحاكي ضوء الغروب، الذي يُرسل للدماغ إشارة بأن وقت الراحة قد حان.
وقد كشفت دراسات حديثة أن التحديق في النار يقلل من ضغط الدم ويزيد من مشاعر الراحة النفسية، خاصةً عندما يترافق مع صوت الاحتراق الخفيف للخشب.
في النهاية، حبنا للنار ليس مجرد انجذاب بصري، بل هو تواصل عميق مع ذاكرة تطورية تعود إلى جذورنا الأولى.